لم يبق سوى قُرابة العام لمحفل باريس ٢٠٢٤، حيث يحضّر العالم الرياضيّ نفسه لألعاب أولمبية لم يسبق لها مثيل. وعلى الرغم من غياب المشجعين في أولمبياد طوكيو ٢٠٢٠ بسبب جائحة كوفيد–١٩، فإن ذلك الأولمبياد قد شكّل “عصراً جديداً” للألعاب الأولمبية نظراً لما حققه من تطور في مجال التفاعل الرقمي للمشجّعين. والآن، يأتي الدور على أولمبياد باريس ٢٠٢٤ ليواصل مسيرة الرقمنة الرياضية، وليقدّم منصّةً عالمية تليق بالأولمبياد، وموجةً جديدة من الابتكار، خاصّةً مع عودة الجماهير والمتابعين إلى أرض الحدث.
قامت اللجنة الأولمبية العالمية بإعلان التحول الرقمي كقاعدة رئيسية لزيادة الوصول للمشجعين، ولتطوير الرياضات الأولمبية التي سيشملها الحدث في العام المقبل. وبينما ننتظر النسخة القادمة من الأولمبياد في الصيف المقبل، يبدو أن هناك الكثير على المحكّ – خاصّةً وأن الألعاب الأولمبية لا تهدف فقط لترك انطباع عن العاصمة الفرنسية ورغبتها لأن تقدم نفسها كـ“مدينة ذكية“، ولكن لأنّ مبادرات التحول الرقمي تهدف لنمو الحركة الأولمبية كذلك. بالإضافة لهذا، فإن التحوّل الرقمي يشكّل ركيزةً أساسيةً في أجندة اللجنة الأولمبية الدولية 2020+5، وممّا لا شكّ فيه بأن هذه الركيزة ستساهم بشكل كبير في نمو الحركة الأولمبية بعدد من الطرق المختلفة.
زد على ذلك، فإن هذه النسخة من الأولمبياد ستساهم أكثر من أي نسخة سابقة في تبني حلول جديدة لنقل المشجعين، وفي تبني موارد رقميّة تهدف للتعامل مع الأثر الكربوني للأولمبياد. وفي الوقت ذاته، فإن التحليلات البيانيّة والتفاعل الرقمي للمشجّعين سيساعدان على جعل تجربة المشجعين أكثر سهولةً وسلاسةً. وبشكل عام، هناك العديد من المجالات التي يتم تحديثها في الألعاب الأولمبية. وفي هذا المقال، سنذكر خمس ابتكارات في التحول الرقمي سيشهدها أولمبياد باريس ٢٠٢٤، كما وسنقوم بمناقشة مدى أهميتها في المجال الرياضي ككُل.
١- التحليل البياني، كعامل رئيسي لعلاقات المشجّعين والجهات المعنية
تعتمد اللجنة الأولمبية الدولية بشكلٍ كبير على التحليلات البيانيّة من أجل التحضير للحدث الكبير. وكجزء من خدماتها فإن اللجنة تشجع الهيئات التنظيمية للأولمبياد وتساعدها على مشاركة معارفها من خلال نقل المواد المعرفيّة.
من جهتها أصبحت الهيئة التنظيمية لأولمبياد باريس ٢٠٢٤ الهيئة الأولى التي توظّف خبيراً مهمّته الوحيدة هي تحسين التخطيط والعمليّات في الفعاليّة من خلال تحليل البيانات ليتم استخدامها على الوجه الأمثل. ويقول كيفين مارتيل، مدير معارف الألعاب وبياناتها في باريس ٢٠٢٤ أن جهود اللجنة التنظيمية في رصد البيانات “قد أصبحت أكثر تطوّراً على مرّ السنين” – وأنه عن طريق استخدام البيانات المستقاة من أولمبياد طوكيو ٢٠٢٠، فقد تمكنت اللجنة المنظمة من تطوير لوحات معلوماتيّة للبيانات تسمح لأعضاء الهيئة المنظمة بتحليل فعاليّاتهم في مختلف المرافق الفرنسية.
كما وقد أطلق أولمبياد باريس ٢٠٢٤ عدداً من المبادرات الرقمية لتحسين مستويات التفاعل مع المشجعين ولتخصيص تجربتهم بشكلٍ فريد. على سبيل المثال، فإن أولمبياد باريس ٢٠٢٤ سيفتح أبواب المشاركة للجماهير في الماراثون الأولمبي، وهي المرّة الأولى التي يُسمح فيها بذلك في تاريخ الأولمبياد. وسيتم ذلك عن طريق دعوة الجمهور لاستكمال تحدّيات للجري من خلال منصّة رقمية تمتلكها الهيئة المنظمة بمسمّى ClubParis2024، وهي منصة تم تطويرها بالتعاون مع Alibaba Cloud. وبذلك، فإن أولمبياد باريس ٢٠٢٤ قد جهّز مرافقه الرقميّة بطريقة تحسّن تجربة المشجّعين وتفاعلاتهم الرقميّة.
٢- الألعاب الأولمبية كنقطة بداية للمدن الذكية
منذ تقديمها لطلب استضافة الأولمبياد عام ٢٠١٥، فقد كان تحوّل باريس إلى مدينة ذكية ركيزةً أساسية في هذا الطلب. ومنذ ذلك الحين، قامت عمدة العاصمة الفرنسية آن هيدالغو بالإفصاح عن رؤيتها لتحويل باريس إلى “مدينة الـ١٥ دقيقة“، وهو ما يتضمّن إنشاء نظام حضري مبني على وجود مجتمعات مكتفية ذاتياً. كما وعدت هذه الرؤية بجعل كل شوارع العاصمة الفرنسية صديقةً للدراجات بحلول العام ٢٠٢٤. وفي هذا السياق، فقد قام منظّمو أولمبياد ٢٠٢٤ بإطلاق “أكبر مبادرة للتفاعل مع الجماهير” في تاريخ الأحداث الأولمبية، وذلك عن طريق مشاركة عموم الشعب في باريس والاطّلاع على آرائهم. ومنذ فوز باريس ٢٠٢٤ بحق استضافة الألعاب الأولمبية والبارالمبية فقد سعت باريس لتطبيق مشاريع مبتكرة لدعم نظام النقل العام في المدينة. على سبيل المثال، فإن الحلول المتكاملة التي قدّمتها شركة Eco-Counter لباريس تهدف لتقديم تحليلات بيانية لنشاط المتنقلين مما سيساعد على قياس سلوكيّاتهم. وتهدف هذه التحليلات البيانيّة لمساعدة أصحاب القرار في اختيار مسارات التطوير فيما يخص البنية التحتية للنقليّات.
وكجزء من تخطيط البنية التحتية لأولمبياد باريس ٢٠٢٤ فإن اللجنة المنظمة قد تعاونت كذلك مع شركة البرمجيّات البريطانية OnePlan من أجل تنفيذ التوائم الرقميّة لجميع المرافق، بما في ذلك تكنولوجيا نظام المعلومات الجغرافية، وذلك لتتم إقامة الفعاليّات بأعلى مستوى من الكفاءة، بما في ذلك تطوير وإدارة الملاعب. وسيساهم هذا الأمر على مساعدة اللجنة التنظيمية في تصوّر ورؤية البيانات بشكل أوضح، خاصّةً في نواحي البنى التحتية للفعاليّات، وروابط المواصلات، وتقليل الوقت الذي تقضيه الجهات المعنية في التنقل أو الانتظار. وفي ذات الوقت، من شأن هذا الأمر أن يساعد هيئات البث الحاملة للحقوق والرعاة على تطوير عمليّات الألعاب الرقميّة.
٣- الذكاء الاصطناعي سيلعب دوراً أكبر في تطوير المحتوى
خلال اجتماع هيئات البث العالمية في العام السابق، فقد أعلنت هيئة خدمات البث الأولمبية، وهي هيئة البث المركزية التابعة للجنة الأولمبية الدولية، عن خططها لتقديم “كم غير مسبوق من المحتوى” لهيئات البث الحاملة للحقوق “بمجموعة متنوّعة من الخيارات“. وفي هذا السياق، ففي أولمبياد طوكيو ٢٠٢٠، قامت شركة برمجيات البث المفتوحة OBS بتقديم محتويات فاقت تلك التي قُدِّمت في أولمبياد ريو ٢٠١٦ بنسبة ٣٠٪. وتم توزيع الصور لهيئات البث العالمية عن طريق OBS Cloud، وهي خدمة إنتاج سحابي تم تطويرها بالتعاون مع شركاء الألعاب الأولمبية Alibaba وIntel، لتسريع توصيل محتوى الفيديو للمؤسسات الإعلامية.
وفي الفترة منذ أولمبياد طوكيو ٢٠٢٠، الذي تم عقده خلف الأبواب المغلقة، فإن عالم الرياضة شهد طفرةً نوعية في نمو الشركات الناشئة التي تستخدم حلول الذكاء الاصطناعي لتوليد المحتوى بشكل تلقائي ومخصص، لمصلحة حاملي الحقوق وشركاؤهم الإعلاميين. على سبيل المثال، فإن WSC Sports تقدّم خدمة توليد مقاطع فيديو لعلامات تجارية شهيرة في عالم الرياضة مثل الرابطة الأمريكية لكرة السلّة (NBA). وإذا أخذنا بعين الاعتبار الكم الكبير من الحلول الرقمية المتوافرة الآن في السوق، فإن أولمبياد باريس ٢٠٢٤ سيشهد زيادةً ملحوظةً في كم المحتوى الذي سيتم تقديمه من قبل حاملي الحقوق والجهات المعنيّة الأخرى، بالإضافة أن قدرتهم على تخصيص هذا المحتوى للجماهير الرقمية ستزداد بشكل كبير بلا أي شك.
٤- بيانات أداء الرياضيين، كمصدر إلهام للتفاعل الرقمي
خلال الألعاب الأولمبية الأخيرة، فإن لجنة التنظيم وشركاؤها في المجال التكنولوجي قاموا بتقديم أدوات مبنية على الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة الرياضيين. على سبيل المثال، فقد قامت شركة Intel بتقديم منصة تحليل أداء الرياضيين (3DAT) في فعاليّة USA track and field التي أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية للتحضير لأولمبياد طوكيو ٢٠٢٠. وتمكنت الشركة بذلك من الحصول علي بيانات التنافس بوقتها الحقيقي خلال الفعاليّات، وذلك لتقديمها لحاملي حقوق البث من أجل تعزيز التغطيات بالمعلومات والبيانات.
وحيث تتوجه الأنظار لأولمبياد باريس ٢٠٢٤، فإن أصحاب المصلحة يستخدمون تجربة الرياضيين لتحسين التفاعل خلال الفعاليات الإقليمية كذلك. على سبيل المثال، فإن شريك الألعاب الأولمبية Atos قد تعاون مع اللجنة الأولمبية الأوروبية لإطلاق تطبيق للهاتف المحمول للألعاب الأوروبية ٢٠٢٣، وهو ما سمح للجميع من أصحاب المصلحة، والمشاهدين، والمتطوعين، والرياضيين للتسجيل بمعرّفهم الخاص للألعاب الرياضية.
وفي حين أن التطبيق قام بتقديم خدمة فيديو ومعلومات حسب الطلب لفعاليات اللجنة الأولمبية الأوروبية، فإن المنصة تتضمّن مقاطع التغطية الحصريّة المخصصة للرياضيين فقط. وقد قامت شركة Atos بتقديم هذه الخدمة كـ “رفيق درب” للرياضيين خلال رحلتهم إلى باريس ٢٠٢٤. وفي خضم عالمٍ تلعب فيه بيانات الرياضيين أهميةً متزايدة في مجال التحول الرقمي الرياضي، يبقى السؤال الملحّ: “كيف يمكن للجنة الأولمبية الدولية إعادة تصور النموذج التجاري للأولمبياد، آخذين في الاعتبار الرياضيين بأنفسهم، ومعلوماتهم، كعاملين مهمّين، وما الذي يمكن لكليهما أن يقدّماه لتجربة الألعاب الرقمية؟“
٥- التحول الرقمي يخدم جهود الأولمبياد المناخية
في عام ٢٠٢١، فإن أولمبياد باريس ٢٠٢٤ شارك في حملة السباق إلى الصفر التي تقودها اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ (UNFCCC) التي تهدف إلى “تشجيع الشركات والمدن والمجتمع الرياضي للوصول إلى تعافي اقتصادي منعدم الكربون“. وكجزء من طموحها البيئي، فإن اللجان المنظمة للألعاب الأولمبية أعدّت خططاً لتجربة وتطوير حلول تهدف لقطع انبعاثات الكربون الناتجة عن الألعاب الأولمبية إلى النصف. ومنذ ذلك الحين، فقد بدأت اللجان بتنفيذ عدد من المبادرات.
على سبيل المثال، تم التعاون مع شركة Atos في العام المنصرم لتنفيذ منصة رقمية مصممة لتقليل الأثر الكربوني لقرية اللاعبين في أولمبياد باريس ٢٠٢٤، حيث ستتعاون شركة التكنولوجيا الفرنسية مع Solideo، وهي الهيئة العامة المسؤولة عن بناء مشروعات الألعاب في أولمبياد باريس ٢٠٢٤. وستقوم “منصّة البيانات الحَضَريّة” بالاستفادة من البيانات المتوافرة لقياس الأثر البيئي لقرية اللاعبين، في إقليم سين سان دوني، وذلك باستخدام أجهزة ذكية.
كيف نتعاون مع N3XT؟
تعتبر عمليّتا جمع البيانات وتحليلها من أهم العوامل الرئيسية في جهود التحول الرقمي التي تسعى لها اللجنة الأولمبية الدولية. لهذا، فليس من الغريب أن السعي نحو الابتكار في أولمبياد باريس ٢٠٢٤ يرتكز بنفس المقدار على جمع البيانات، سواء أكان ذلك بهدف تحسين النقل العام، أو تجارب المشجعين الرقمية، أو لخدمة أصحاب المصلحة، أو لإدارة المرافق، أو حتى لتقليل الأثر البيئي للأولمبياد.
وفي مقال حديث يتحدث عن تأثير الذكاء الاصطناعي ونماذج التعلم الآلي على التحول المعلوماتي في عالم الرياضة، يتحدث المدير التنفيذي للمعلومات لدينا في N3XT Sports عن مهمتنا “لتسهيل الوصول إلى المعلومات، وتسهيل فهم المؤسسات الرياضية لها“. وكخطوة أولى لكي تقوم الفعاليات الرياضية الأخرى باتباع خطوات أولمبياد ٢٠٢٤، فمن المهم لها أن تعرف الطريقة التي يمكن من خلالها استخدام البيانات بشكل متكامل مع الإطار الرقمي للمؤسسة. وعلى إثر ذلك، يمكن للمؤسسة تحسين كفاءتها التشغيلية، والتوسع في محفظتها الرقمية، وتحسين استخدام بيانات المشجعين.
يعمل فريقنا في N3XT Sports لتطوير وتنفيذ استراتيجيات التحوّل البيانية والرقمية مع عدد من المؤسسات الرياضية على المستويات الحكومية، ومستويات الاتحادات، ومستوى الأندية. وإذا كنتم ترغبون بمعرفة المزيد عن الطرق التي يمكن لنا من خلالها مساعدتكم في تطوير قدرتكم على جمع البيانات، الرجاء ملء الاستمارة أدناه، وسوف نقوم بالتواصل معكم، حيث أن هدفنا الرئيسي هو أن نحسن من عملية التحول الرقمي في عالم الرياضة بشكل عام، ولدى عملائنا بشكل خاص.